أنطون الفتى – “أخبار اليوم” – إذا كان “الوطني الحر” اختار البقاء خارج الحكومة الجديدة، والتوجّه الى صفوف المعارضة، فإن ذلك يعني إمكانية طرح أسئلة كثيرة مُقلِقَة حول مستقبل المعارضة في لبنان، انطلاقاً من تضخُّم كبير أصابها، على مستويات عدّة.
فعلى المستوى الطائفي، نجد أن حزبَي “الكتائب” و”القوات” يُطالبان منذ مدّة طويلة، بحكومة إخصائيين، ويرفضان أي نقاش يتعلّق بتشكيل حكومة تكنو – سياسية. ولكنّهما حزبان مسيحيّان كبيران، انضمّ إليهما أمس، “التيار الوطني” ليكون هو الآخر في صفوف المعارضة، ولكن لأسباب وأهداف أخرى، لا تتعلّق بإفساح المجال لتلبية مطالب الشارع اللبناني بتشكيل حكومة تكنوقراط.
وبالتالي، لمن ستتّسع المعارضة في المرحلة القادمة؟ وهل نحن أمام ممارسة سلطة سيقوم بها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بلباس مُعارِض، انسجاماً مع طريقة عمله الدّائمة التي تقوم على أساس أنه هو قائد الأوركسترا، وليس عضواً فيها؟ أو هل ان “التيار” يُحاول الإلتفاف، ومن باب صفوف المعارضة تحديداً، على أي معارضة قادمة، ولا سيّما مسيحية، قد تعمل لاحقاً على الدّفع باتّجاه المطالبة بالذّهاب في مسار يؤدي الى انتخابات نيابية مبكرة، وهو ما يعني تغيير التوازنات السياسية الحالية في البلد تغييراً جذرياً؟
الإحتمالات كثيرة، ولكن الحَذَر واجب. فحكومات الوحدة الوطنيّة ضربت السّلطة وممارستها، فهل يضرب انضمام تيار رئيس الجمهورية ميشال عون الى المعارضة، شروط ممارسة العمل المعارِض؟ وما هو موقف باقي الأطراف في تلك الحالة؟
مطلوب؟
أكد النائب السابق ايلي ماروني أن “لا مشكلة إذا صارت الأحزاب المسيحية خارج الحكومة، من ناحية الميثاقية، وذلك لأن المسيحيين المستقلين سيكونون فيها، وهذا يلبّي مطلب الشارع بتشكيل حكومة من الإخصائيين المستقلّين البعيدين من الأحزاب”.
واعتبر في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “من هذا المنطلق، لن يشكل ابتعاد “التيار الوطني” عن المشهد الحكومي إلا ما هو مطلوب جماهيرياً وشعبياً، لا سيّما أن الشعب اللبناني لم يَعُد يريده (التيار) داخل الحكومة، وخصوصاً الوزير جبران باسيل الذي يشكل استفزازاً للثوار ولأهل الثورة”.
تخمة…
وحول التخمة التي باتت موجودة في المعارضة، وإمكانية عمل بعض من فيها سلطوياً، ولكن بلباس معارضة، قال ماروني:”كلّ الأطراف يحق لها أن تكون في المعارضة ما عدا “التيار الوطني الحرّ”. فرئيس الجمهورية ميشال عون هو الأب الروحي له، والعهد الحالي هو عهده. فكيف يريد حزب رئيس الجمهورية أن يكون في صفوف المعارضة؟ وهنا نسأل أيضاً، معارضة من؟ رئيس الجمهورية؟ هل يجوز لرئيس جمهورية أن يعارضه حزبه؟
وشرح:”إذا عارضه حزبه، عندها لا يعود الرئيس قوياً، وتغيب حيثيته الشعبية والسياسية، ويفقد كل العناوين التي على أساسها ترشّح الى الرئاسة وانتُخِب.
وأوضح أن “حزب “الكتائب”، خرج من الحكومات منذ سنوات، بقراره الذاتي، وليس بناءً على ضغط أجبره على ذلك، وهدفنا أن نكون صوت المواطن. وفي المشهد العام، نجد أن لا مشكلة ميثاقية، رغم أن الوزير باسيل حاول أمس أن يخلق إشكالية طائفية انطلاقاً من الميثاقية المسيحية – الإسلامية داخل الحكومة. لكن ذلك “مش زابط”، لا سيّما أن كل اللبنانيين، بكلّ طوائفهم، يطالبون بحكومة لبنانية بعيدة من السياسة ومن الأحزاب، تكون حكومة تكنوقراط”.
ولفت الى “أننا نطالب بحكومة تكنوقراط مدّتها ستّة أشهر، تعمل على إقرار قانون انتخاب يمكّننا من إجراء انتخابات نيابية مبكرة ونزيهة في ما بعد، فيحترم الجميع نتائجها”.
لا يخاف!
ورداً على سؤال حول التعتيم الحاصل على موضوع “النيابية المبكرة”، مع إمكانية عدم قبول كلّ الأطراف بها، ولا سيّما “الثنائي الشيعي”، أجاب ماروني:”نحن كحزب “كتائب”، تقدّمنا باقتراح قانون معجل مكرر، لتقصير ولاية المجلس النيابي الحالي. ولكن احترام الآليات الدستورية، يجعلنا نطالب أولاً بتشكيل حكومة، ومن ثم إقرار قانون انتخاب جديد لأن الحالي غير صالح. وكلّنا يعلم أن وزارة الداخلية تحتاج لوجيستياً الى ستّة أشهر لإعداد لوائح الشطب، وأقلام الإقتراع”.
وأضاف:”الأمر الأكثر إلحاحاً حالياً هو إنقاذ الوطن واقتصاده وماليته، وعدم المماطلة في إجراء الإستشارات النيابية وتشكيل الحكومة الجديدة، الى ما بعد الأعياد”.
وختم:”الإنتخابات النيابية المبكرة هي مطلب الشعب، ولذلك نستغرب أن يقف أي طرف ضدّها. فإذا كان “حزب الله” وحركة “أمل” متأكدَيْن من شعبيتهما ومن حضورهما السياسي، لا يجب أن يخافا من اختلال التوازنات، كما يجب أن يذهبا في طريق إجراء انتخابات نيابية مبكرة إذا كانت ستعيدهما الى البرلمان، وأكثر. فالواثق من نفسه لا يخاف من شيء”.
المصدر: وكالة أخبار اليوم
الجمعة 13 كانون الأول 2019