تقرير لبرنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP: ظهور جيل جديد من أوجه عدم المساواة

أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريرا بعنوان “ما وراء الدخل والمتوسط، والوقت والحاضر: أوجه عدم المساواة في القرن الحادي والعشرين”، سلط فيه الضوء على تزايد أوجه عدم المساواة على صعيد العالم. وأشار إلى “جيل جديد من أوجه عدم المساواة قد يفضي إلى تفاوتات جديدة وعظيمة في المجتمع من نوع لم نشهد مثله منذ الثورة الصناعية قبل حوالي قرنين”.

وأعلن البرنامج ان “التقرير طرح نهجا لقياس تقدم البلدان بشكل متكامل يتجاوز الاعتماد على النمو الاقتصادي وحده كمقياس، وقرر إنه في الوقت الذي تتضاءل فيه الفجوة في مستويات المعيشة الأساسية، مع التزايد غير المسبوق في أعداد من يستطيعون الإفلات من براثن الفقر والجوع والأمراض، تطورت كذلك متطلبات الازدهار وظهر على الأفق جيل جديد من أوجه عدم المساواة”.

وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي آخيم شتاينر: “إن ما نراه اليوم هو وجه جديد لعدم المساواة، وكما يوضح تقرير التنمية البشرية الحالي، عدم المساواة ليست بمشكلة تستعصي على الحل”.

ويحلل التقرير أوجه عدم المساواة في ثلاثة أبعاد: ما وراء الدخل، وما وراء المتوسطات، وما وراء الحاضر ويقترح مجموعة من خيارات السياسات العامة للتعامل مع المشكلة.

وذكر التقرير، انه “رغم نطاق اهتمامه العالمي، يمكننا أن نحلل بيانات ونتائج التقرير من المنظور الإقليمي لتحديد تضاريس عدم المساواة عبر أقاليم العالم.

فحسب ما يقيس دليل التنمية البشرية للعام 2019 المصاحب للتقرير، شهدت منطقة الدول العربية نموا كبيرا في معدلات التنمية البشرية على امتداد العقدين الماضيين. ولكن وفقا لهذا الدليل والدليل المرافق له، دليل التنمية البشرية المعدل بعامل عدم المساواة لعام 2019، أدى التوزيع غير المتساوي في التعليم والخدمات الصحية ومستوى المعيشة إلى إعاقة التقدم في المنطقة، وتسبب في خسارة تناهز 24 في المئة من قيمة دليل التنمية البشرية للمنطقة عند تعديله وفقا لعامل عدم المساواة”.

وقال المدير المعاون بالإنابة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية مراد وهبة: “يمكن لتحليل عدم المساواة أن يوفر منظورا جيدا يساعدنا على فهم الأحداث الأخيرة في المنطقة. وهذا التقرير يدعونا جميعا لدراسة أوجه عدم المساواة كي ندعم الجهود الرامية إلى تشجيع توزيع أكثر تكافؤا للفرص بين الناس في كل مكان”.

وافاد التقرير ان “منطقة الدول العربية تشهد استمرارا لأوجه عدم المساواة بين الجنسين والهشاشة بسبب النزاعات، في معرض وصفه لـ “الجيل التالي” من أوجه عدم المساواة التي يرجح أن تؤثر على التقدم الإنمائي، يشير التقرير على سبيل المثال إلى أن الاشتراكات بالإنترنت الثابت عريض النطاق تزيد في البلدان التي تتمتع بتنمية بشرية عالية جدا بمعدل أسرع بخمسة عشر ضعفا، كما تزيد نسبة البالغين الحاصلين على تعليم جامعي بمعدل أسرع بستة أضعاف، مقارنة بالبلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة.

ويسجل دليل التنمية البشرية فجوة في التنمية البشرية بين الرجال والنساء تبلغ 14 في المئة في منطقة الدول العربية. ففي حين تبلغ حصة النساء من فرص العمل غير الزراعية في العالم 39 في المئة، تنخفض النسبة إلى 16 في المئة فقط في الدول العربية. وتوجد في المنطقة إحدى أوسع الفجوات في العالم في مشاركة النساء في قوة العمل، إضافة إلى إحدى أدنى معدلات إتاحة الخدمات المصرفية للنساء ونفاذهن إليها.

كما أدت ظروف الهشاشة الناجمة عن النزاعات أو الأزمات إلى انحسار ما حققته المنطقة من تقدم في التنمية البشرية، إذ تظهر بيانات حديثة أن سوريا خسرت 15 في المئة من قيمة دليل التنمية البشرية الخاص بها منذ عام 2010، فيما خسرت ليبيا 10 في المئة خلال الفترة نفسها. وخسرت اليمن 8 في المئة مما حققته من تقدم منذ عام 2014 بناء على ذات المقياس، وهو ما أكدته نتائج أبحاث أجريت بتفويض من مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، وأظهرت أن التنمية البشرية للبلد تراجعت بما يكافئ 21 سنة بسبب النزاع الجاري.

ما وراء الدخل، والمتوسطات، والحاضر
يوصي التقرير باعتماد سياسات تأخذ الدخل بعين الاعتبار ولكن تتجاوزه أيضا، بحيث تستند إلى تدخلات تبدأ ما قبل الولادة وتمتد على مدى دورة الحياة، بما في ذلك من خلال استثمارات في تعليم الأطفال الصغار وصحتهم وتغذيتهم. ويجب أن تتواصل هذه التدخلات مدى حياة المرء، خلال سنوات العمل والتقاعد والشيخوخة.

ويدفع التقرير بأنه لا يمكن النظر إلى نظام الضرائب بصفة منعزلة، بل يجب معالجته كجزء في منظومة أشمل من السياسات، بما في ذلك الإنفاق العام على الصحة والتعليم وعلى بدائل نمط الحياة كثيف الاعتماد على الكربون.

يقول تقرير التنمية البشرية ان المتوسطات غالبا ما تخفي حقيقة ما يحدث في المجتمع. ورغم أن المتوسطات قد تكون مفيدة في توضيح الوضع العام، إلا أن البيانات الأكثر تفصيلا تكون لازمة لسن سياسات فعالة لمعالجة عدم المساواة.

وتطلعا إلى ما يتجاوز الوقت الراهن، يتساءل التقرير كيف يمكن لأوجه عدم المساواة أن تتغير في المستقبل، وينظر بصفة خاصة إلى تحولين هائلين سيشكلان وجه الحياة حتى القرن الثاني والعشرين – تغير المناخ والتحول التقني.

وما زالت المنطقة العربية في الواقع تواجه تحديات كبيرة في مجال الاستدامة البيئية حيث سجلت أقل معدل لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة في العالم.

ويؤكد مدير فريق تقرير التنمية البشرية، بيدرو كونسيساو، أهمية تطوير سياسات عامة في جميع أنحاء العالم تتصدى لأوجه عدم المساواة النسبية والمطلقة.

ويضيف كونسيساو، “إذ يتغير العالم، تتغير معه أوجه عدم المساواة التي تؤثر على حياة الناس. أما الخبر الجيد فهو أن أوجه عدم المساواة هذه ليست أمرا محتوما. إذ يملك كل مجتمع خيار تحديد أوجه ومستويات عدم المساواة التي بوسعه أن يتحملها”.

في لبنان
تبلغ قيمة دليل التنمية البشرية في لبنان 0.730 لعام 2018 مما يضع البلاد في فئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة لتحتل المرتبة 93 من أصل 189 دولة ومنطقة. بين عامي 2005 و 2018، إرتفعت قيمة دليل التنمية البشرية في لبنان من 0.724 إلى 0.730، بزيادة قدرها 0.8 في المائة. يستعرض التقرير التقدم الذي أحرزه لبنان في كل دليل من أدلة التنمية البشرية.

ويعتبر التقدم المحرز في التنمية البشرية، مقيسا بدليل التنمية البشرية، مفيدا للمقارنة بين بلدين أو أكثر. على سبيل المثال، خلال الفترة بين عامي 2005 و 2018، شهد كل من لبنان والأردن وسلطنة عمان درجات مختلفة من التقدم نحو زيادة قيمة أدلة التنمية البشرية لديه”.

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام
الإثنين 09 كانون الأول 2019

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *