جعجع بعد اجتماع التكتل: المطلوب حكومة متخصصة مستقلة بالكامل

حذر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من “الويل لأمة سائسها ثعلب وفيلسوفها مشعوذ وفنها فن الترقيع والتقليد. ويل لأمة حكومتها حكومة التقليد والترقيع واعادة استنساخ القديم من جديد”، مؤكدا أن “ما يجري اليوم هو قمة انعدام الإحساس مع الناس واللا مسؤولية، هو قمة خداع الناس والاستمرار تماما في النهج نفسه الذي كان سائدا، ولو بوجوه جديدة شكلا، قديمة ممارسة وأسلوبا”.

ولفت إلى أنهم “يتحدثون عن حكومة تكنوسياسية وعن ممثلين للحراك في محاولة لتقزيم المبادىء العامة للثورة ومطالبها الاقتصادية والمعيشية المحقة، كأن مشكلة الثورة والحراك هي مشكلة حصص أو مشكلة تمثيل وزاري داخل السلطة أو مشكلة شراكة بين الثورة وبين من تثور عليهم؟ ومن يمكنه أن يدعي تمثيل الثورة والنطق باسمها أصلا؟”.

وشدد على أن “الوضع الاقتصادي المعيشي في مكان، وقوى السلطة تتصرف كأنها تعيش على المريخ، لبنان ينهار بالكامل وقوى السلطة ذاتها ما زالت مصرة على محاولة صرف اكثريتها النيابية الدفترية في السلطة التنفيذية، فيما الأكثرية الشعبية باتت في الموقع المقابل تماما. ويسألونك بعد لماذا الشعب يثور، ثم يخبرونك بعد عن مؤامرات خارجية وسفارات تقف خلف الثورة؟ ان سلوك السلطة الحاكمة كفيل لوحده بإشعال أضخم الثورات من دون منة من أي سفارة أو أي جهة أخرى”.

كلام جعجع جاء في اطلالة مباشرة عقب انتهاء اجتماع تكتل “الجمهورية القوية” الدوري في معراب برئاسته، وفي حضور نائب رئيس الحكومة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني، الوزيرين في حكومة تصريف الأعمال كميل أبو سليمان والدكتور ريشار قيومجيان، نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان، النواب: ستريدا جعجع، بيار بو عاصي، وهبي قاطيشا، عماد واكيم، الدكتور فادي سعد، الدكتور أنطوان حبشي، ماجد إدي ابي اللمع، شوقي الدكاش، جوزيف اسحق، سيزار المعلوف، زياد الحواط، أنيس نصار وجان طالوزيان، الوزراء السابقين: ملحم الرياشي، الدكتور طوني كرم وجو سركيس، النواب السابقين: الدكتور فادي كرم، إيلي كيروز، أنطوان زهرا وشانت جنجنيان، الأمينة العامة ل”القوات” الدكتورة شانتال سركيس، عضو الهيئة التنفيذية إيلي براغيد ورئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل جبور.

وقال جعجع: “وقع المحظور، وأصبح لبنان في وسط عاصفة الانهيار المالي والاقتصادي، وذلك بعدما كانت بوادر هذا الانهيار ومؤشراته واضحة منذ فترة طويلة، ولكن من دون أن تبادر الأكثرية الوزارية الى اتخاذ اي خطوة اصلاحية جدية في الاتجاه الصحيح، لا بل امعنت في سلوكها السابق مسرعة من عجلة الانهيار. حلت الكارثة الاقتصادية – الاجتماعية التي لطالما حاولنا تنبيه القيمين على مقدرات البلاد منها، من دون أن نحصد في المقابل سوى التجاهل والاتهامات والتهميش والتخوين والاستبعاد”.

أضاف: “ما كان بالإمكان تداركه بالقليل من الخطوات الاصلاحية والمبادرات السياسية والنوايا الحسنة، بات اليوم يلزمه عملية إنعاش فورية وخطة انقاذية ثورية جبارة تحاكي اجواء الثورة وروحيتها وتستجيب لصرختها ومطاليبها، بعيدا عن نهج المكابرة ومنطق المحاصصة العقيم، الذي كان السبب في إيصال الأوضاع الى ما وصلت اليه اليوم”.

ولفت إلى أن “اللبنانيين صبروا دهرا على سلوك أولياء الأمر أملا في تصحيح الأداء باتجاه اعادة النهوض بلبنان ووقف مسار الشلل والفساد والاهتراء. وكان كلما ازداد اللبنانيون صبرا ازدادت هذه السلطة تعنتا وإنكارا واستعلاء وكفرا، حتى مل الصبر من صبرهم وتوسلوا الثورة سبيلا وحيدا لوقف هذا الكفر والعبث. فالثورة هي النتيجة الطبيعية لإفلاس هذه السلطة، بعدما ادت وتؤدي دورها غير مشكورة في إفقار شعبها وإفلاسه”، وقال: “لم يتكبد الشعب مشقة النزول الى الطرق وافتراش الأرصفة والساحات، إلا لأن الحصول على لقمة عيشه البديهية بات اكثر مشقة، ولم تتجند الأمهات والآباء، الشابات والشبان، للثورة ترفا او حبا بالتظاهر والفوضى أو النزول إلى الطرق أو اقفالها، وإنما لأن كل طرق التغيير الطبيعية نحو واقع افضل باتت مقفلة، ولأن وجعها وحرمانها وقلقها على المستقبل والوجود والمصير واجهته السلطة طيلة سنوات وسنوات بعقل منغلق وقلب مقفل وافق مسدود”.

أضاف: “كلمة حق تقال، ان دخان الإطارات المشتعلة على الطرق والشحتار الأسود الذي خلفته الأيادي البيض للثوار والعمال والفقراء والمساكين، ما هو الا انعكاس لقلوب الطبقة الحاكمة السوداء ونفوسها الظلماء وآذانها الصماء. لم تؤمن الناس بالثورة، الا لأنها كفرت بالواقع القائم في ظل طبقة حاكمة انتهازية مكابرة تتحكم بمفاصل النظام السياسي، وبمقدرات البلاد واعناق العباد من دون اي وازع اخلاقي او وطني، وفي ظل منظومة محاصصة تأتي بالأكثر استزلاما لا بالأكثر نزاهة أو كفاءة أو استقامة”.

وقال جعجع: “في استعراض سريع لواقع الحال في لبنان اليوم نجد من جهة، مؤسسات تجارية وصناعية وسياحية وفندقية تقفل ابوابها وتصرف المئات من موظفيها كل يوم، وفي افضل الأحوال تقتطع لهم نصف راتبهم او اكثر لكي تحاول تأجيل إقفالها اطول فترة ممكنة، فرص عمل معدومة، ازمات معيشية تتهدد المواطن في كل لحظة، من ازمة المحروقات الى ازمة الرغيف الى ازمة الدواء والاستشفاء الى ازمة المعلمين والمؤسسات التربوية الى ازمة الدولار وازمة السيولة، وازمة ثقة غير مسبوقة داخليا ودوليا بالسلطة الحاكمة وسياساتها كافة، استثمارات متوقفة ورؤوس اموال هاربة، اسواق ومحلات تجارية خلت من زبائنها المعتادين في مثل هذه الفترة من كل سنة، تصدع النظام المصرفي الذي تميز به لبنان طيلة عقود، مواطنون عاجزون عن سحب مدخراتهم وجنى اعمارهم من المصارف، تفشي السوق السوداء للدولار في ظل إصرار السلطة على إنكار واقع التضخم المالي الكبير، غلاء فاحش في الأسعار وفقدان اللبنانيين لأبسط مقومات عيشهم وامنهم الاجتماعي الاقتصادي وتراجع قدرتهم الشرائية لحوالي النصف حتى الآن وصولا الى الفقر المدقع الذي دفع بناجي الفليطي وداني ابي حيدر وآخرين الى وضع حد مأساوي لحياتهم، بيئة فاسدة ملوثة بالصفقات المشبوهة مع ما تستجلبه من امراض مستعصية، عشرات آلاف اللبنانيين لا بل مئات الآلاف منهم متروكين في الشوارع منذ خمسين يوما من دون ان يرف للسلطة السياسية جفن، جيش وقوى امنية مستنفرة ومنتشرة في الشوارع بعيدا عن عائلاتها واولادها لدرجة الإنهاك والاستنزاف من دون ان ترأف السلطة المستبدة بحال هؤلاء العسكريين المهددين كل يوم بانقطاع رواتبهم والذين بالمناسبة، نحييهم تحية كبيرة على جهودهم في حفظ الأمن والاستقرار ومنع التعديات على المواطنين والأملاك”.

أضاف: “مقابل كل هذا ماذا نرى؟ نرى الوجوه ذاتها بالعقليات نفسها والسلوكيات اياها تطمر رؤوسها في الرمال وتتصرف، وكأن شيئا لم يكن: منذ اللحظة الأولى وجماعة السلطة تحاول الالتفاف والتذاكي على الناس. آخر هذه المحاولات يجري هذه الأيام، تجري فصولها اليوم، إذ بعد خمسين يوما على الانتفاضة الشعبية السلمية والمطالبة بحكومة إنقاذ، حكومة جديدة قولا وفعلا من خلال اخصائييين مستقلين، تحضر جماعة السلطة لتركيب حكومة، أولا قسم منها فقط أخصائيون، والباقي سياسيون، وثانيا حتى الأخصائيين فيها لن يكونوا مستقلين بل مجرد مستشارين تقنيين للمجموعة الحاكمة نفسها، بمعنى أن قرارهم الفعلي سيكون عند نفس المجموعة التي كانت هي في أصل خراب البلاد”.

وتابع: “إن ما يجري اليوم، هو قمة انعدام الإحساس مع الناس واللامسؤولية، هو قمة خداع الناس والاستمرار تماما بنفس النهج الذي كان سائدا، ولو بوجوه جديدة شكلا، قديمة ممارسة وأسلوبا. يتحدثون عن حكومة تكنو-سياسية وعن ممثلين للحراك في محاولة لتقزيم المبادىء العامة للثورة ومطالبها الاقتصادية والمعيشية المحقة، وكأن مشكلة الثورة والحراك هي مشكلة حصص او مشكلة تمثيل وزاري داخل السلطة او مشكلة شراكة بين الثورة وبين من تثور عليهم. ومن يمكنه ان يدعي تمثيل الثورة والنطق بإسمها اصلا؟”.

وقال: “كل الآراء أجمعت على ان لبنان بحاجة اليوم الى حكومة جديدة غير تقليدية يفتتح معها عهدا جديدا بعيدا عن الحكومات السابقة التي ادت الى نشوء هذا الواقع، سواء دعيت في السابق حكومات وحدة وطنية، او حكومات توافقية، او حكومات ميثاقية، او حكومات اكثرية واقلية. الحكومة التكنو-سياسية التي تطرحها قوى السلطة اليوم، ما هي الا حكومة لون واحد، لأن الأخصائيين فيها هم مجرد ديكور للقوى السياسية ذاتها التي تعمل وفق خلفيات سياسية ومصلحية وفئوية والتي افقدت لبنان ثقة الناس به داخليا وخارجيا، فيما المطلوب اليوم حكومة تعمل وفق خلفيات علمية واقتصادية ووفق اسلوب جديد يتميز بالنزاهة والكفاءة والموضوعية والتجرد ويعيد الى لبنان الثقة المفقودة”.

أضاف: “المطلوب اليوم حكومة متخصصة، مستقلة بالكامل عن أطراف السلطة، يأتي الوزراء إليها لا ليعملوا بخلفيات سياسية او عقائدية او مناطقية، وإنما بخلفيات علمية موضوعية، ويأتون اليها لا لتعصف بها رياح التعطيل والمناكفات السياسية والحرتقات الانتخابية السابقة، وإنما لتعصف بها رياح التغيير من خلال افكار نيرة وخطوات فعالة وسلوك شفاف، وخطط علمية مدروسة قابلة للتنفيذ سريعا”.

وتابع: “الوضع الاقتصادي المعيشي في مكان، وجماعة السلطة تتصرف وكأنها تعيش على المريخ، لبنان ينهار بالكامل وقوى السلطة ذاتها ما تزال مصرة على محاولة صرف اكثريتها النيابية الدفترية في السلطة التنفيذية، فيما الأكثرية الشعبية باتت في الموقع المقابل تماما. ويسألونك بعد لماذا الشعب يثور، ثم يخبرونك عن مؤامرات خارجية وسفارات تقف خلف الثورة؟ ان أهم سفارة تقف خلف الثورة هي السلطة بذاتها، سلوك السلطة الحاكمة كفيل لوحده بإشعال اضخم الثورات من دون منة من اي سفارة او اي جهة اخرى. ويل لأمة سائسها ثعلب وفيلسوفها مشعوذ وفنها فن الترقيع والتقليد. ويل لأمة حكومتها حكومة التقليد والترقيع واعادة استنساخ القديم من جديد”.

وختم: “صحيح ان ليل الوطن حالك لكن فجر لبنان الجديد الذي يحلم به الثوار سيبزغ من جديد، صحيح ان الماضي والحاضر صنعته طبقة غير مسؤولة بغالبيتها، اوصلت الوضع الى ما هو عليه الآن، لكن لبنان المستقبل ستصنعه سواعد الثوار والصالحين، وبطولات اجيال المناضلين والمقاومين، وستزهر تضحياتهم غدا افضل بإذن الله”.

الخميس 05 كانون الأول 2019 الوكالة الوطنية للإعلام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *