راشيا – عارف مغامس –
اختتم اتحاد بلديات جبل الشيخ أعمال المرحلة التمهيدية من مشروع “تحديد قيمة التنوع البيولوجي في جبل الشيخ وتحديد الآثار البيئية لمختلف الممارسات الزراعية في قطاع الزيتون”، المنفذ بالتعاون مع “جمعية البيئة للحياة” والممول من المجلس العالمي لحماية الطيور BirdLife International وصندوق شراكة الأنظمة البيئة الهامة CEPF والذي انعقد في مطعم ليالي وادي التيم – راشيا.
حضر ورشة العمل المخصصة للإعلان عن نتائج المشروع، مدير مصلحة الزراعة في جبل لبنان عبود فريحة ممثلا المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود، قائمقام قضاء راشيا نبيل المصري، رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ صالح ابو منصور، نائب رئيس اتحاد بلديات قلعة الاستقلال عصام الهادي، رؤساء بلديات الاتحاد وأعضاء المجالس البلدية، رؤساء وممثلون عن التعاونيات الزراعية والجمعيات البيئية والزراعية والاستشاريون البيئون، النحالون ومزارعو الزيتون، الأندية الشبابية والمحترفات وتجمع البيوتات الثقافية، بالإضافة الى منسق المشروع الدكتور سليم حمادة وفريق عمل الجمعية من الاختصاصيين.
بعد النشيد الوطني، رحب منسق المشروع سليم حمادة بالحضور مستعرضا الظروف التي كانت وراء إطلاق هذا المشروع “الذي سوف يمكن منطقة بلديات جبل الشيخ من استثمار أهمية التنوع البيولوجي في الجبل لناحية استقطاب التمويل الخارجي وتنشيط العجلة الاقتصادية في المنطقة”، مؤكدا “الدور الطليعي التي تقوم به وزارة الزراعة في تشجيع هذا النوع من المبادرات،” شاكرا اتحاد بلديات جبل الشيح ورئيسه على “كل التقديمات التي وضعت بتصرف المشروع لتحقيق الاهداف الموضوعة”. واشار الى “اهمية قطاع الزيتون “الذي يعتبر من اهم القطاعات التي تضع لبنان في منزلة الدول المتوسطية الأخرى”.
بدوره، أثنى رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ صالح ابو منصور على المشروع ودور المجتمع الدولي في تمويله، آملا ان تكون “النتائج المشجعة نواة تعاون مستدام وطويل الامد للوصول الى دعم ملموس للمزارعين، يساهم في نهضة هذا القطاع المنتج الذي لطالما كان مصدر معيشة الاسلاف على مدى مئات السنوات”، معتبرا أن “لا امان للمجتمعات الا بالإنتاج الغذائي والزراعي والصناعي، ولا امان بالاستهلاك ولا امان بالخدمات التي تعتمد على السائح وتنهار عند أي هزة امنية او سياسية او طبيعية او اقليمية”، مؤكدا بصفته الشخصية وكمؤسسة منتخبة على الاهتمام بكل ما يعزز القطاعات الانتاجية”.
وعلى مستوى طموحات الاتحاد المستقبلية، اعلن ابو منصور عن تبلغه رسميا قبول اقتراح بمشروع تأهيل ألاف الامتار من الطرقات الزراعية بمعايير عالية الذي لا يعتمد على الآليات بل يؤمن اشغال اليد العاملة، ومنها السورية بشكل جزئي وهذا مطلوب وفق شروط المشروع، وسوف يضخ في المنطقة حوالي 800 الف دولار في هذه الظروف الصعبة، بالإضافة الى تشجير عشرات الهكتارات بأشجار تم اختيارها بناء على مسح ايكولوجي شامل.
وأكد أن الاتحاد “يعمل على تشجيع السيدات والجهات المحلية على انتاج المنتجات المحلية والمونة البيتية، وعلى مبادرات عدة من بينها تأسيس سوق الجنى مع رابطة سيدات جبل الشيخ، ما ادى الى فتح اسواق جديدة بالتعاون مع الجامعة الاميركية في بيروت ومؤسسة شيري بلير والوكالة الاميركية للتنمية الدولية وغيرها، ويجب ان نستكمل هذ الخطوة بمسح للعائلات التي اصبح لديها دخل اضافي بسبب هذا المشروع، بالإضافة الى المساعي لإنشاء منطقة صناعية نموذجية بتوجيه ومتابعة من وزير الصناعة وائل ابو فاعور”.
من ناحيته، رحب ممثل المدير العام لوزارة الزراعة بأي مبادرة من الجمعيات اللبنانية كجمعية البيئة للحياة، وبأي مبادرة من الممولين الدوليين والمحليين والمنظمات غير الحكومية والبلديات واتحاداتها، على غرار اتحاد بلديات جبل الشيخ، من اجل وضع الاسس الزراعية السليمة في كافة المناطق اللبنانية ما يضمن مشاركة المجتمعات المدنية والزراعية والبيئية والادارات المحلية في دعم التوجهات العامة لوزارة الزراعة ومواكبة تنفيذ السياسات الزراعية الوطنية التي تؤدي الى انتاج لبناني له مكانته في الاسواق الداخلية والخارجية وفي طليعتها انتاج الزيت والزيتون الذي يفخر به لبنان على الصعد كافة.
واعتبر فريحة أن “الاساليب الحديثة في استعمال المبيدات الزراعية وغيرها من الاساليب الحديثة قد لا تساعد فعلا في ضمان مواسم زراعية ناجحة على عكس الاساليب التقليدية التي تساعد في الحفاظ على التربة بشكل مستدام، وبالتالي تضمن محاصيل جيدة على المدى الطويل، ومنها اعتماد التحاليل المخبرية للحد من انجراف التربة، استعمال المصائد الفورمونية والغذائية، اعتماد تقنية الادوية الذكية لجذب الحشرات المضرة بالزراعة وقتلها، حيث تسعى وزارة الزراعة لاقتنائها وتوزيعها على المزارعين”، مؤكدا دور الوزارة في تقديم ما يلزم وقدر المستطاع لمزارعي الزيتون لمساعدتهم في التغلب على المشاكل بما يؤثر على خفض كلفة الانتاج وجودة الزيتون والزيت، كما على حماية المزروعات من الآفات خصوصا مرض “عين الطاووس” وتوزيع المواد والارشادات لمكافحة ذبابة الزيتون والحشرات الاخرى، وادخال تقنيات القطاف الميكانيكية وتوزيع خزانات الستانليس ستيل لحفظ الزيت، والارشاد المتعلق بالري التكميلي”، واعلن ان لدى الوزارة توجها لإنشاء مختبر لزيت الزيتون.
واشار فريحة الى أهمية تمتع لبنان بالتنوع البيولوجي ما يشكل فرادة بالنظر الى جغرافيته وميزته الجيولوجية والإيكولوجية، اضافة الى مستوطناته البشرية التاريخية في منطقة المتوسط، وذلك وفق رؤية “صندوق شراكة الانظمة البيئية الهامة”. وعزا التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي في لبنان الى فقدان الموائل وتشرذمها، الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية، التغيير المناخي، التلوث، الأنواع الغازية وادخال اصناف جديدة محسنة للتنوع البيولوجي الزراعي، وقد يكون لهذه المخاطر عواقب كارثية تؤدي الى انقراض الأنواع وتقلص التنوع الجيني ما يؤثر سلبا على الصحة العامة ويدفع باتجاه الكوارث الطبيعية وفقدان المدخول من السياحة وارتفاع كلفة الزراعة والفاتورة الصحية”.
ثم عرض البروفسور الدكتور غسان جرادي لنتائج دراسات المشروع على مستوى المسح المتعلق بقيمة التنوع البيولوجي في منطقة جبل الشيخ، وللآثار السلبية للممارسات الزراعية الجديدة على التنوع البيولوجي وتعزيز الخيارات المناسبة للتخفيف منها، من خلال الحفاظ على الممارسات التقليدية التي تدعم التنوع البيولوجي في قطاع زراعة الزيتون، لينتهي بربط موسم الزيتون بموسم الصيد البري في لبنان”، مشيرا الى الطيور المرتبطة بشجرة الزيتون.
وأشار جرادي الى وجود 221 نوعا من النباتات، منها 24 نوعا متفرد و115 نوعا اكتشف لأول مرة في النظام الايكولوجي الجبلي، بالإضافة الى انواع عديدة من الثديات المهددة بالانقراض”. وأعلن أن المسح الميداني والدراسات سجلت 95 نوعا من الطيور في المنطقة، منها 7 أنواع مهددة عالميا و14 نوعا محدود التوزيع في بيئته وهي مشارفة على الانقراض، ما يؤكد التوجه لمنح منطقة جبل الشيخ صفة “منطقة تنوع ذات قيمة بيولوجية عالية” KBA.
وتطرق الخبير غسان المصري، في كلمته، الى آلية التعاون مع الشركاء والمستفيدين في المراحل المتقدمة من هذا المشروع.
وبعد نقاش عام بين الحاضرين اختتمت أعمال الورشة بزرع شجرة في المحيط، تقديرا لجهود المجلس العالمي للطيور وصندوق شراكة الأنظمة البيئية الهامة.
الأربعاء 09 تشرين الأول 2019