عقد وزير الصناعة وائل ابو فاعور وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل مؤتمرا صحافيا مشتركا، في مبنى مصرف لبنان، للاعلان عن آلية جديدة لدعم القروض المصرفية التشغيلية للقطاع الصناعي بفوائد متدنية وبتسهيلات تشجيعية وتحفيزية.
بداية، أكد سلامة “استمرار دعم القطاعات الانتاجية عبر حوافز مصرف لبنان”، مشيرا الى أن “المصرف بانتظار اقرار القانون المقترح من وزارتي المال والاقتصاد من اجل تفعيل القروض المدعومة من الدولة”. وأعلن ان هناك “2600 مؤسسة صناعية استفادت من حوافز مصرف لبنان، اضافة الى اكثر من 2100 مؤسسة استفادت من القروض المدعومة من الدولة”.
وقال: “تشجيعا للاقتصاد، ونظرا الى ان النمو منخفض في لبنان، عدلنا بتعميم مصرف لبنان بشكل ان نحفز التسليف للقطاع الصناعي. بمعنى انه اصبح بإمكان المصارف ان تأخذ 10.5 % فائدة على القروض الاستثمارية في الصناعة. يتحمل المقترض 6.84 % والبنك المركزي يدعم ب 3.66% وسوف نلحقها برفع سقف القرض ليصل حتى 25 مليون دولار. الاهم هو المحافظة على استمرارية المؤسسات الصناعية الموجودة حاليا، لذلك قمنا ايضا بتعديل دعم القروض التشغيلية للقطاع الصناعي. فبذلك تتقاضى المصارف فائدة بقيمة 11.5 % ومصرف لبنان يتحمل 6.66% والمقترض 4.84%. بذلك بلغ السقف الذي يستطيع ان يستعمله المقترض لغاية 80% من صادراته على فترة سنة. كما سنرفع سقف الاقتراض من 3 مليون دولار الى 5 مليون دولار. اما في ما يخص الصناعيين المبتدئين في التصدير فنسبة الاستفادة هي 60% من التصدير المتوقع على فترة سنة”.
وأمل ان تكون “هذه التدابير والمبادرات داعمة للصناعة”.
من جهته، قال أبو فاعور: “أشكر الحاكم سلامة على مبادرته تجاه القطاع الصناعي وهو يقوم بدور اساسي في هذه المؤسسة الرائدة التي كان لي الشرف بالعمل فيها، واعتز بانني انتسبت اليها وهي تشكل حصانة اساسية للاقتصاد والاستقرار المالي في لبنان”.
أضاف: “كما تعلمون هناك مشروع لدى الحكومة بدعم الصناعة اللبنانية للنهوض بها ضمن خطة اوسع للنهوض بالاقتصاد الوطني نظرا للارتباط الوثيق بين الصناعة والقطاعات الانتاجية وبين النهوض الاقتصادي وتحقيق النمو وتخفيف العجز. نعرف ان التمويل مسألة اساسية في الاستثمار الصناعي ولدينا صناعة في لبنان بعكس المنطق التاريخي الذي حاول البعض في لبنان تعميمه بأن الصناعة غير قادرة على المنافسة وعلى الصمود. لدينا انتاج صناعي في لبنان ولدينا تصدير صناعي الى الخارج ولكنه يحتاج الى دعم في التمويل. نعرف الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد، ونعرف ان الاجراءات التي يقوم بها مصرف لبنان هي اجراءات الضرورة لتفادي الأسوأ لان العلاج في مكان آخر، في مسؤولية الحكومة والسياسيين على اتخاذ خيارات وقرارات جذرية تتعلق بعملنا السياسي والاقتصادي”.
وتابع: “المشجع ان زيارة الرئيس الحريري الى فرنسا كانت ايجابية والنتائج مشجعة. طبعا هناك مطالبات من الجانب الفرنسي ومن المجتمع الدولي بإجراءات يجب ان تقوم بها الدولة اللبنانية سواء على مستوى الاجراءات المالية او التشريعات القانونية في المجلس النيابي وتم الحديث بشكل خاص عن عدد من التشريعات المتعلقة بالتهرب الضريبي والجمارك والتقاعد والمناقصات الحكومية. ويعمل رئيس الحكومة بالتفاهم مع الرئيس بري على السير بهذه التشريعات. ولكن في ما يتعلق بالصناعة ولان التمويل مسألة اساسية، كانت هذه المعادلة التي اوجدها مصرف لبنان على صعيد تشجيع المصارف على اعطاء القروض التشغيلية للمصانع وتعزز اوضاعها على صعيد التصدير وفرص العمل وتأتي بالنقد النادر، بما يساهم في الاجراءات المالية المطلوبة. الاجراءات الاخيرة ستكون خطوة اساسية في عمل الصناعيين. الشكوى في السابق كانت من نقص التمويل والتسليفات من المصارف بسبب عدم وجود الحوافز الكافية. اعتقد ان الحافز اصبح مؤمنا بهذا التعميم وهو حافز اضافي للتمويل. وآمل ان الصناعة بشكل قريب ستقوم برد الجميل للدولة سواء على صعيد تأمين فرص العمل وتعديل الميزان التجاري لمصلحة الاقتصاد الوطني”.
وردا على سؤال، قال أبو فاعور: “طلب المجتمع الدولي تطمينات، وقدم الرئيس الحريري هذه التطمينات، والاهم ان موقف فرنسا الحازم كما موقف المجتمع الدولي هو باستمرار دعم لبنان والتأكيد على لبنان بإجراء الاصلاحات المطلوبة. كان هناك حالة من عدم اليقين حول مؤتمر سيدر. وعاد الرئيس الحريري بجواب واضح ان مؤتمر سيدر مستمر، وبالتالي المطلوب ان يقوم اللبنانيون بما عليهم. والدعم الدولي موجود”.
بدوره، قال الجميل: “لقد اثبتم على دوام السنوات انكم ام الصبي، ولا يسعني الا ان اذكر بالاجراءات التي قمتم بها عند كل مفترق طريق اقتصادي. لقد اخذتم وبكل جرأة اجراءات التسييل المالي quantitative Easing اواخر عام 2012 حيث قدم المصرف المركزي تسهيلات مالية للقطاعات الانتاجية والسكنية والتربوية والبيئية بمبلغ 2000 مليار ليرة، وعاود الاجراءات لسنوات متتالية. وقد سجل لكم الخبراء الاقتصاديون هذا الدور الرائد لمصرف مركزي بحيث كرستم دورا مسؤولا لعمل اي مصرف مركزي”.
أضاف: “للتذكير، فإن الولايات المتحدة الاميركية قامت بضخ 398 مليار دولار ابتداء من عام 2008 كتدبير اقتصادي تحفيزي تحت اسم Economic Stimulus Measures اتبعه المصرف الفدرالي بتدابير تسييل 100 مليار دولار شهريا، انخفضت بعدها تدريجيا الى ان توقفت عند حد 3000 مليار دولار. ان مصرف لبنان اخذ بجرأة ومسؤولية قرارات لم تكن الحكومات او الفراغات الحكومية قادرة على اتخاذها انذاك. وصحيح ان نسب النمو كانت خجولة بين 2009 و 2018، لكن لو لم يقم مصرف لبنان بهذه التدابير في حينه لكنا وبكل تأكيد حققنا نسب تراجع اقتصادي ملحوظ، والتاريخ سينصفكم على هذا العمل. كما قام المصرف ايضا، بهندسات مالية عندما تطلب الوضع المصرفي ذلك حرصا على قطاع اقتصادي اساسي”.
وتابع: “اليوم اذ يستجيب المصرف مشكورا لمطلب صناعي تقدمنا به منذ اشهر قليلة لناحية تمويل الرأس المالي التشغيلي للصادرات برفع سقف هذه التسليفات وبتحسين الشروط للمصارف حتى تقوم بهذا التمويل، حيث ان عددا كبيرا من الصناعيين واجه استحالة في الحصول على هذه التسهيلات الاساسية منذ اقرارها. ونناشد اليوم المصارف التجاوب مع هذه التسهيلات، ونحن كقطاع صناعي نتقدم بالشكر لسعادتكم ولمعالي وزير الصناعة على هذا الاجراء شاكرين جهودكم لوضعه موضع التنفيذ”.
وقال: “إلا ان تسارع الامور في الاسواق لا يسمح لي الا ان أتطرق الى الازمة الحالية الخانقة في عدم توفر السيولة واتخاذ عدد كبير من المصارف اجراءات تخفيض التسليفات. فعدد كبير من الصناعيين يعاني من عدم وجود الدولارات في الاسواق مما لا يسمح لهم بشراء المواد الاولية. وكنا قد سمعنا تأكيدكم في اكثر من مناسبة على ان الحقبة القادمة قد تتطلب فوائد مرتفعة الا انكم اكدتم على وجود السيولة الضرورية وهذا ما نفتقده اليوم. واننا كصناعيين ندرك دقة الاوضاع، وفي وقت يؤكد فيه كل الخبراء الاقتصاديين، من بنك دولي وماكنزي وغيرهم، على دور القطاعات الانتاجية وعلى رأسها الصناعة في اطلاق العجلة الاقتصادية خاصة في هذه الظروف، فإننا نؤكد ان الصناعة قادرة على تخفيض كلفة الاستيراد وزيادة الصادرات بما يؤمن النقد النادر، لذلك نناشدكم اتخاذ اجراءات سريعة وخاصة لتفعيل دور هذا القطاع لاهميته الاقتصادية وتأثيره الايجابي على القطاعات الاخرى”.
أضاف: “كما نطالب اليوم، بعدم تخفيض التسهيلات المعطاة للمؤسسات الصناعية في هذه الظروف الصعبة لا بل نتمنى زيادتها بنسبة 15% من اجل تأمين حاجة المؤسسات الصناعية. كذلك نطالب بتأمين العملات الصعبة للمصانع لشراء المواد الاولية والطاقة التي هي بالعملة الاجنبية. ونتمنى ايضا معالجة موضوع دعم الفوائد للاستثمارات الجديدة الذي لم يعد يعمل به حاليا. لذلك نناشدكم اخذ الاجراءات المالية الضرورية قبل فوات الاوان، خاصة وان الحكومة اتخذت في الفترة الاخيرة اجراءات عديدة من شأنها تعزيز القطاع الصناعي”.
وختم: :قبل ان اختم، لا يسعني ونحن في المصرف المركزي، الا ان اتوجه الى اهل القرار السياسي بضرورة اتخاذ تدابير لتثبيت ثقة اهل الاقتصاد العالمي بلبنان، بلد القدرات والطاقات، وهذا كفيل بتخفيض الفوائد بأقله 6%”.
الإثنين 23 أيلول 2019