أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ المطلوب منه اليوم أن يكلّف ثم يشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، متسائلاً: “هل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح؟”.
عون، وفي كلمة له اليوم الخميس، بعد مرور عام على انطلاقة التحركات الشعبية، قال: “هذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانيّة باسم الشعب الذي تمثّلون… قلت كلمتي ولن أمشي، بل سأظلّ على العهد والوعد، وسأبقى أتحمل مسؤولياتي في التكليف والتأليف، وفي كل موقف وموقع دستوري، وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة، وأملي أن تفكروا جيّداً بآثار التكليف على التأليف وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدوليّة، ذلك لأنّ الوضع المتردّي الحالي لا يمكن أن يستمرّ بعد اليوم أعباءً متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين”.
وأضاف متوجّهاً إلى النواب: “أنتم اليوم مدعوون باسم المصلحة اللبنانية العليا لتحكيم ضميركم الوطني وحس المسؤولية لديكم تجاه شعبكم ووطنكم، سيما أنه مر عام على 17 تشرين وما يحمل من دلالات غضب المواطنين ومن رفعهم شعار (كلن يعني كلن)، ما يشمل الصالح والطالح منا”، طارحاً علامات استفهام عدة، قائلاً: “أين الاقتصاد بعد أن أكل ريعه مدخرات اللبنانيين وجنى عمرهم، في حين أننا كنا ننادي وما زلنا بالاقتصاد المنتج؟ أين الخطة الاقتصادية ومن أفشل تطبيقها؟ أين برنامج الاستثمار العام (CIP) ومن أبقاه حبراً على ورق؟ أين الخطط الإنمائية القطاعية التي وضعها مؤتمر CEDRE ومن تقاعس عن تنفيذها؟”.
وعن رفع الدعم، استغرب عون سائلاً: “أين نحن من رفع الدعم على موادنا الحيوية التي نستورد معظمها ولا نضبط استفادة شعبنا من دون سواه منها؟”، وأكمل التساؤلات: “أين خطة السدود من تجميع ثروة لبنان الطبيعيّة، المياه، التي تنبع من جوف أرضنا وتذهب سدى من أنهرنا إلى بحرنا؟ أين خطة الكهرباء التي تنام في الأدراج منذ سنة 2010 ولم يحدد لها أيّ اعتماد أو إطار تنفيذي بالرغم من إصرارنا عليها كي لا يظلّ اللبنانيون أسرى العتمة وكلفة المصادر المتعددة للطاقة المحرزة؟”
وتابع: “أين نحن من هيئة الإغاثة ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين وصندوق الجنوب والمؤسسات العامة غير المنتجة، والتي توافقنا على إلغائها لوضع حدّ للنزيف المالي الحادّ فيها ومن جرّائها؟ أين اقتراحات قوانين الإصلاح من استعادة الأموال المنهوبة والتحقيق التلقائي في الذمّة الماليّة للقائمين بخدمة عامة والمحكمة الخاصة بالجرائم الماليّة؟ أين نحن من هدر المال العام والحسابات المفقود أثرها في وزارة المال ومشاريع قطوعات الحسابات؟”.
وتابع متسائلاً: “أين سائر مشاريع الإصلاح؟ أين الـ47 بنداً التي عرضت على رؤساء الكتل والأحزاب جميعا في لقاء جامع في قصر بعبدا، فاعتمد جزء كبير منها ولكن لم ينفذ شيء؟ لماذا تم الهروب من تحمل المسؤولية وإقرار مشاريع الاصلاح؟ ولمصلحة من هذا التقاعس؟ وهل يمكن إصلاح ما تم إفساده باعتماد السياسات ذاتها؟
ثمّ توجّه الى الشعب اللبناني، بالقول: “رأيت من واجبي اليوم، انطلاقاً من قسمي ومن مسؤوليتي الدستورية ورمزيّة موقعي، أن أتوجه إلى الشعب اللبناني كما إلى نواب الأمة، من منطلق المصارحة الواجبة خصوصاً على مشارف الاستحقاقات الكبرى التي يتم فيها رسم خرائط وتوقيع اتفاقيات وتنفيذ سياسات توسعية أو تقسيمية قد تغيّر وجه المنطقة”، مؤكداً: “يدي لم تزل ممدودة للعمل سوياً على تحقيق المطالب الإصلاحية، إذ لا إصلاح ممكناً خارج المؤسسات، والوقت لم يفت بعد”.
وتابع: “إنني أعيش وجع الناس وأتفهم نقمتهم، لكن الحقيقة توجب علي أن أذكّر بأنّ بعضاً ممن حكم لبنان منذ عقود، ولم يزل بشخصه أو نهجه، قد رفع شعارات رنّانة بقيت من دون أيّ مضمون، وكانت بمثابة وعود تخديريّة لم يرَ الشعب اللبناني منها أيّ إنجاز نوعي يضفي على حاضره ومستقبله اطمئناناً”.
وسأل: “أين نحن وأين موقع لبنان وما هي السياسات التي علينا أن ننتهج إزاء التغيّرات والتفاهمات المحوريّة الكبرى، كي لا يكون لبنان متلقّياً وغير فاعل فيما نشهده، فيغدو فتات مائدة المصالح والتفاهمات الكبرى؟”.
وأشار الى أن “منطقتنا شهدت تغيّرات سياسيّة كثيرة وعميقة بفعل عوامل إقليميّة ودوليّة، وهذه التغيّرات لم تظهر كلّ نتائجها بعد على صعد كثيرة، وقد تقلب الأمور رأساً على عقب
من جهة أخرى، عاد إلى “بدايات عهده”، فقال: “أيقظت مراسيم الاستكشاف والتنقيب عن الغاز في بحرنا بعد سبات عميق، والغاز ثروة طبيعيّة لها حجمها وآثارها الإنقاذيّة لأوضاعنا الاقتصاديّة المتردية، في حين أنّ التشكيك لا يزال سائداً لدى مروّجي التشاؤم من بعض من يتولّى الشأن العام”.
وختم: “إنّ تجربة التدقيق الجنائي، إذا قدّر لها النجاح، ستنسحب على الوزارات والمجالس والصناديق والهيئات واللجان والشركات المختلطة كافة من دون استثناء، وسوف تسمح بتحديد المسؤوليات وانطلاقة الاصلاحات اللازمة وصولا الى إزاحة الفاسدين”، متسائلاً: “فمن يجرؤ على توقيفها؟”.
الأربعاء 21 تشرين الأول 2020 موقع النهار